فصل: ذكر خلافة أبي بكر الصديق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التنبيه والإشراف (نسخة منقحة)



.كتاب من حضر من الكتاب:

وكان خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف يكتب بين يديه في سائر ما يعرض من أموره، والمغيرة بن شعبة الثقفي، والحصين ابن نمير يكتبان أيضاً فيما يعرض من حوائجه، وعبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث الزهري، والعلاء بن عقبة يكتبان بين الناس المداينات وسائر العقود والمعاملات، الزبير بن العوام، وجهيم بن الصلت يكتبان أموال الصدقات، وحذيفة بن اليمان يكتب خرص الحجاز، ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي دوس الن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله ابن مالك بن نصر بن الأزد وكان حليفاً لبني أسد يكتب مغانم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان عليها من قبله وزيد بن ثابت الأنصاري ثم الخزرجي من بني غنم بن مالك بن النجار يكتب إلى الملوك ويجيب بحضرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وكان يترجم للنبي صلّى الله عليه وسلّم بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية، تعلم ذلك بالمدنية من أهل هذا الألسن، وكان حنظلة بن الربيع بن صيفي الأسيدي التميمي يكتب بين يديه صلّى الله عليه وسلّم في هذه الأمور إذا غاب من سمينا من سائر الكتاب ينوب عنهم في سائر ما ينفرد به كل واحد منهم، وكان يدعى حنظلة الكاتب، وكانت وفاته في خلافة عمر بن الخطاب بعد أن فتح الله على المسلمين البلاد وتفرقوا فيها فصار إلى الرها من بلاد ديار مضر فمات هناك فرئته امرأة من قومه فقالت:
يا عجب الدهر لمحزونة ** تبكي على ذي شيبة شاحب

إن تسأليني الدهر ما شفني ** أخبرك قيلاً ليس بالكاذب

إن سواد الرأس أودى به ** حزني على حنظلة الكاتب

وكتب له عبد الله بن سعد بن أبي سرح من بني عامر بن لؤي بن غالب ثم لحق بالمشركين بمكة مرتداً، وكتب له شرحبيل به حسنة الطابخي من خندف حليف قريش، ويقال بل هو كندي، وكان أبان بن سعيد، والعلاء بن الحضرمي ربما كتبا بين يديه، وكتب له معاوية قبل وفاته بأشهر، وإنما ذكرنا من أسماء كتابه صلّى الله عليه وسلّم من ثبت على كتابته واتصلت أيامه فيها وطالت مدته وصحت الرواية على ذلك من أمره دون من كتب الكتاب والكتابين والثلاثة إذ كان لا يستحق بذلك أن يسمى كاتباً ويضاف إلى جملة كتابه.

.ذكر تأريخ الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم:

.ذكر خلافة أبي بكر الصديق:

وبويع أبو بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، يلتقي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم عند مرة بن كعب، وهما في القعدد واحد بين كل واحد منهما وبين مرة ستة آباء، وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فلما أسلم سماه النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الله ولقبه عتيق قيل لجماله وقيل لعتقه من النار، ويقال إن ذلك كان سامه في الجاهلية وأمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن سقيفة بني ساعدة بن كعب بن الخزرج- في اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة 11 من الهجرة، وقد كانت الأنصار نصبت للبيعة سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري ثم الخزرجي فكانت بينه وبين من حضر من المهاجرين في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، وعلي وللعباس وغيرهم من المهاجرين مشتغلون بتجهيز النبي صلّى الله عليه وسلّم ودفنه، وكان ذلك أول خلاف حدث في الإسلام بعد مضي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وارتد أكثر العرب بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمن كافر ومانع للزكاة والصدقة، وكان أعظمهم شوكة وأخوفهم أمراً مسيلمة الكذاب الحنفي باليمامة، وطليحة بن خويلد الأسدي ثم الفقعسي في أسد بن خزيمة، وقد عاضده عيينة بن حصن الفزاري في غطفان، فوجه أبو بكر إليهم وإلى جميع من ارتد من ضاحية مضر خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي فلقي طليحة فهزمه وفض جموعه وأسر عيينة وذلك في سنة 11 وسار إلى البطاح وأثخن في أرض تميم وقتل مالك بن نويرة اليربوعي وسار إلى اليمامة فقالته بنو حنيفة قتالاً شديداً إلى أن قتل مسيلمة وصالحه بقيتهم، وذلك في سنة 12 واستشهد باليمامة من المسلمين ألف ومئتا رجل منهم من قريش ثلاثة وعشرون رجلاً، فيهم زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ومن الأنصار سبعون وقيل دون ذلك، ولم يزل خالد يطأ فرقة فرقة ممن ارتد حتى رجعوا عن ردتهم وكانت سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية اليربوعية يربوع ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم قد تنبت وتبعها نفر كثير منهم الزبرقان ابن بدر، وعطارد بن حاجب بن زرارة، وشبث بن ربعي وكان مؤذنها، وعمرو ابن الهتم التميميون، وسارت إلى مسيلمة إلى اليمامة فتزوجها وأقامت عنده ثلاثاً وفي ذلك يقول الطرماح بن حكيم الطائي:
لعمر لقد سارت سجاح بقومها ** فلما أتت عز اليمامة حلت

فدارسها البكري حتى استزلها ** فأضحت عروساً فيهم قد تجلت

فتلك بني الحنظليين أصحبت ** مضمخة في خدرها قد تظلت

وقال عطارد بن حاجب بن زرارة:
أمست نبيتنا أنثى نطيف بها ** وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا

ويريد بالأنبياء الأسود العنسي وطليحة بن خويلد ومسيلمة وجهز أبو بكر الجيوش لغزو الروم بالشأم، وأمر الأمراء، وهم يزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، وكتب إلى خالد بن الوليد، وكان سار إلى ناحية العراق في الانضمام إليهم، فسار معهم فافتتحوا من الشأم بصرى وحوران والبثنية والبلقاء من أعمال دمشق، ولقيتهم الروم بأجنادين ثم بمرج الصفر، فهزموا وقتلوا قتلاً ذريعاً. وسار المسلمون إلى دمشق، فنزلوا عليها.
وتوفي أبو بكر وهم محاصروها، وكانت وفاته بالمدينة ليلة الثلاثاء لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة 13 للهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقيل أكثر من ذلك ودفن مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجرة عائشة، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام، وقيل وعشرين يوماً، وكان طوالاً آدم نحيفاً خفيف العارضين غائر العينين مشرف الجبهة ناتئ الوجنتين، يغير شبيه بالحناء والكتم.
وكان كتابه عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وعبد الله بن الأرقم، ونقش خاتمه نعم القادر الله وقاضيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحاجبه شديد مولاه وكان له من البنين ثلاثة عبد الله المقدم ذكره في سنة 8 في حصار النبي صلّى الله عليه وسلّم الطائف، وقد انقرض ولده، وكان آخرهم إسماعيل بن عبد الله ابن أبي بكر، وعبد الرحمن بن أبي بكر وله صحبة والعدد في ولده منهم الطلحيون بنو طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر أكثرهم بادية منازلهم جادة والصفينة بقفا من الأيم من جادة العراق حذاء المسلح واقيقية والغمرة لهم إلى هذا الوقت لهم عدد وقوة، محمد بن أبي بكر العقب له من القاسم بن محمد، وكان أحد فقهاء المدينة ومن خيار التابعين، وعقبه قليل من ولده محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، ومن البنات ثلاث منهن عائشة زوجة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأسماء أم عبد الله بن الزبير، ولم يل الخلافة منذ عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى وقتنا هذا أحد أبوه حي إلا أبو بكر، وكان أبوه أبو قحافة في الوقت الذي توفي فيه أبو بكر مقيماً بمكة، فلما نعي إليه قال: رزء جليل وورثه السدس وتوفي بعده بسبعة أشهر، وقيل بستة مكفوفاً وله سبع وتسعون سنة.
وكان إسلامه يوم فتح مكة، وكانت وفاته ووفاة هند ابنة عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أم معاوية بن أبي سفيان في يوم واحد، وتوفيت فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة 11، وقيل إنها توفيت بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بثلاثة أشهر وقيل بستة، وقيل بسبعين يوماً وغير ذلك من الأقاويل.
ثم تنوزع في سنها، فقال فريق منهم توفيت ولها ثلاث وثلاثون سنة، وقال آخرون بل ثلاثون، وقال آخرون بل تسع وعشرون سنة، وهذا قول أكثر البيت وشيعتهم وقيل دون ذلك، وتولى غسلها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ودفنها ليلاً بالبقيع وقيل غيره، ولم يؤذن بها أبو بكر وكانت مهاجرة له منذ طالبته بإرثها من أبيها صلّى الله عليه وسلّم من فدك وغيرها وما كان بينهما من النزاع في ذلك إلى أن ماتت ولن يبايع علي عليه السلام أبا بكر رضي الله عنه إلى أن توفيت، وتنوزع في كيفية بيعته إياه، وقد أتينا على ما قيل في ذلك في كتاب الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار.

.ذكر خلافة عمر بن الخطاب:

وبويع عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي ويكنى أبا حفص وأمه حنتمة ابنة هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم في الوقت الذي كانت فيه وفاة أبي بكر ففتح الله على يديه أكثر البلاد فجند الأجناد ومصر الأمصار ودون الدواوين وفرض العطاء وكتب التاريخ وسن صلاة التراويح في شهر رمضان، وقتل بالمدينة يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة 23 وهو ابن ثلاث وستين سنة وقيل أقل من ذلك والأول أشهر، قتله أبو لؤلؤة الفارسي عبد المغيرة بن شعبة ودفن مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر في حجرة عائشة، وقد تنوزع في كيفية قبورهم وصفاتها فروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما توفي أبو بكر دفن إلى جانب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه بين كتفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم توفي عمر فدفن إلى جانب أبي بكر رأسه بين كتفي أبي بكر وذكر القاسم بن محمد بن أبي بكر قال دخلت على عائشة فقلت يا أماه اكشفي لي عن قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وصاحبيه فكشفت لي عن قبور ثلاثة ليست بالمشرف ولا هي باللاطئة بالأرض مسطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، قال فرأيت قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم مقدماً، ورأيت أبا بكر رأسه عند رجلي النبي صلّى الله عليه وسلّم من خلفه، ورأيت عمر رأسه عند رجلي أبي بكر.
وذكر أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه رضي الله عنهما قال رفعت القبور من الأرض قدر شبر مربعة مدكنة.
وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وثمانية عشر يوماً وكان آدم مشرفاً على الناس من طوله كأنه راكب أعسر يسراً كث اللحية، وكان كاتبه زيد بن ثابت، وعبد الله بن الأرقم، ونقش خاتمه كفى بالموت واعظاً يا عمر وقيل آمنت بالذي خلقني وحاجبه يرفى مولاه: وقاضيه أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر بن الرائش بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان، وقيل إن أول من قضى لعمر بالعراق سلمان بن ربيعة الباهلي، وقيل إنه قضى بالمدينة في أيامه، وبعد ذلك السائب بن يزيد بن أخت النمر الكندي.
وكان لعمر من البنين تسعة، عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وزيد الأكبر وعبيد الله المقتول بصفين وعاصم وزيد الأصغر وعبد الرحمن الأصغر وعياض وعبد الله الأصغر، المعقبون منهم أربعة عبد الله الأكبر وعاصم وعبيد الله وعبد الرحمن الأصغر، ومن البنات أربع منهن حفصة زوجة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وكان عمر شاور الناس في التأريخ لأمور حدثت في أيامه، لم يعرف لها وقت تؤرخ به، فكثر منهم القول، وطال الخطب في تواريخ الأعاجم وغيرها، فأشار عليه علي بن أبي طالب أن يؤرخ بهجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتركه أرض الشرك، فجعلوا التأريخ من المحرم، وذلك قبل مقدم النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة بشهرين واثني عشر يوماً لأنهم أحبوا أن يبتدئوا بالتاريخ من أول السنة، وكان ذلك في سنة 17 أو 18 يتنازع الناس في ذلك.
قال المسعودي: وقد روى الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما قدم المدينة مهاجراً أمر بالتأريخ، وهذا خبر مجتنب من حيث الآحاد، ومرسل من عند من لا يرى قبول المراسيل، وما حكيناه أولاً هو المتفق عليه إذ كان ليس في هذا الخبر وقت معلوم أرخ به ولا نقل كيفية ذلك.
وجعل عمر الأمر بعده شورى في ستة نفر على وعثمان وطلحة، وكان غائباً، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وجعل معهم ابنه عبد الله ابن عمر مشيراً ومؤامراً وحاكماً، وليس له من الأمر شيء وأمهلهم ثلاثة أيام، وأمر أني صلى بالناس فيها أبو يحيى صهيب الروم مولى عبد الله بن جدعان التيمي، وكان يقول إنه من النمر بن قاسط، وإنه صهيب بن سنان، ووكل بهم أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري، ثم الخزرجي من بني عدي بن مالك بن النجار وهو زوج أم سليم أم أنس بن مالك في خمسين رجلاً من الأنصار، وأمره باستحثاثهم وأن لا تمضي الثلاثة أيام إلا وقد أبرموا أمرهم، وأجمعوا على رجل منهم، وقال إن اجتمع خمسة وخالف واحد فاقتلوه، وكذلك إن خالف اثنان واجتمع أربعة نفر، فإن افترقوا فرقتين فكونوا في الفرقة التي فيها عبد الرحمن بن عوف، وإن أبت الفرقة الأخرى الدخول فيما اجتمع عليه المسلمون فاقتلوهم، فعرض عليهم عبد الرحمن أن يخرج أحدهم نفسه ويختار من الباقين واحداً، فأحجموا عن ذلك. فأخرج نفسه من الأمر على أن يختار أحدهم مكثوا ثلاثة أيام يتراضون، ثم بايع عبد الرحمن لعثمان، وكان صهره واستوسق الأمر له بعد خطب طويل، ومنازعة كانت بينهم، وفي ذلك يقول الفرزدق:
صلى صهيب ثلاثاً ثم أرسلها ** إلى ابن عفان ملكاً غير مقسور

.ذكر خلافة عثمان بن عفان:

وبويع عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ويكنى أبا عبد الله، وأبا عمرو، وأمه أروى ابنة كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف يوم الجمة غرة المحرم سنة 24 وقتل بالمدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة 35 وهو ابن اثنتي وثمانين سنة وقيل ثمان وثمانين وذهب قوم من أهل السير والآثار إلى أن قتله كان يوم الأضحى، واستشهدوا على ذلك بقول الفرزدق.
عثمان إذ قتلوه وانتهكوا ** دمه صيحة ليلة النحر

وبقول أيم بن خريم بن فاتك الأسدي وكان عثمانياً:
تعاقد الذابحوا عثمان ضاحية ** فأي ذبح حرام ويحهم ذبحوا

ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ولم ** يخشوا على مطمح الكفر الذي طمحوا

وبقول حسان بن ثابت الأنصاري.
ضحو بأشمط عنوان السجود به ** يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا

ودفن بموضع من المدينة يعرف بحش كوكب بضم الحاء، يضاف إلى رجل من الأنصار يعرف بكوكب والحش هو البستان فكانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً واثنين وعشرين يوماً، وكان مربوعاً حسن الوجه أسمر وافر اللحية يصفرها مشدود الأسنان بالذهب، وكان كاتبه مروان بن الحكم، وحاجبه حمران مولاه، وقاضيه زيد بن ثابت الأنصاري، وقد كتب له وقيل إنه قضى بالمدينة في أيام عمر السائب بن يزيد ابن أخت النمر الكندي، وقيل إنه كان على شرطه والأول أثبت قال المسعودي: حدثنا أبو بكر محمد بن خلف وكيع قال حدثنا محمد بن أحمد ابن الجنيد قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا مسعر عن محارب بن دثار قال لما استخلف أبو بكر قال له عمر بن الخطاب أنا أكفيك القضاء، فمكث عمر سنة لا يختلف إليه أحد قال وكيع فأما أيام عمر فإن الصغاني حدثني عن عفان عن عبد الواحد ابن زياد عن حجاج عن نافع أن عمر استعمل زيد بن ثابت على القضاء وفرض له أجراً، وقال يونس عن الزهري ما اتخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاضياً ولا أبو بكر ولا عمر، وقال محمد بن يحيى أبو غسان لم أسمع أحداً من أهل العلم يذكر أن عثمان استقضى أحداً حتى مات وكان نقش خاتمه آمن بالله مخلصاً وقيل آمن بالله العظيم وقيل لتصبرن أن لتندمن ولم يزل خاتم النبي صلّى الله عليه وسلّم باقياً إلى أيامه فسقط من يده فنقش له على هيئته، فكان خاتم الخلافة متداولاً ولكل واحد ممن طرأ بعد خاتم مفرد ينقش عليه ما أحب على ما نحن ذاكروه إلى خلافة المطيع فيما يرد من هذا الكتاب.
وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم اتخذ خاتماً من ورق، فكان في يده ويد أبي بكر ويد عمر ويد عثمان، حتى وقع في بئر أريس.
وكان له من البنين تسعة عبد الله الأكبر توفي وله من العمر ست سنين أمه رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ما قدمنا وعبد الله الأصغر وعمرو وعمر وخالد وأبان والوليد وسعيد وعبد الملك، المعقبون منهم خمسة عمرو وكان أكبر ولده والذين أعقبوا من ولده محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان الملقب بالديباج لحسنه، أمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وعمر وأبان والوليد وسعيد، ومن البنات ثمان وفي السنة التاسعة من خلافته وهي سنة 32 توفي العباس بن عبد المطلب وله ثمان وثمانون سنة، وكان مولده قبل عام الفيل بثلاث سنين، وفيها مات عبد الرحمن بن عوف الزهري وهو ابن خمس وسبعين سنة، وعبد الله بن مسعود ابن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث ابن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار وله بضع وستون سنة وفي سنة 31 كانت وفاة أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف وقد استوفى سن العباس ثمانياً وثمانين سنة.